الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فإن الباعث لكتابة هذه الكلمة هو تذكير شباب الأمة خاصة طلبة العلوم الشرعية منهم بأن الإجماع العملي ،وهو ما اتفق الناس على فعله في عصر من العصور دون نكير العلماء حجة في مشروعية فعل الشيء ،و لا يدل على وجوبه أو استحبابه فبسم الله ابدء وبه اهتدي وعليه اتوكل الإجماع أخوتي وأخواتي هو اتفاق مجتهدي هذه الأمة بعد النبي r على حكم شرعى ،ومن أدلة حجيته قوله تعالى : ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً ﴾النساء115 ولا شك أن مشاقة الرسول وحدها موجبة للعذاب فما دام أن الله جمع لذلك أيضاً اتباع غير سبيل المؤمنين دل ذلك على أن هذا موجب للعذاب أيضاً ،وإلا كان ذكره في الآية بغير فائدة ،وكلمة سبيل لاتتأتى إلا فيما أجمعوا عليه أما الذى اختلفوا فيه فليس سبيل بل سبل ، وإجماع الأمة بعد وفاة النبي r على مسألة ما من مسائل الدين ليس تشريعاً جديداً ؛ لأن الإجماع يستند دائماً إلى دليل شرعي ( آية من كتاب الله أو حديث من أحاديث النبي r أو غير ذلك من الأدلة المعتبرة في الأصول)، وبذلك يكون الإجماع في نهاية أمره مردود إلى الله سبحانه وتعالى إذ لا تجتمع هذه الأمة على ضلالة، وهذا من توفيق الله لها، وبالنهاية فإجماعها من حكم الله ، وكما أن الاتفاق يكون بالقول فيكون بالفعل أيضا إذ يستحيل أن تجتمع الأمة على فعل شيء خطأ فليس فعل الأمة دليل على الاستحباب فضلا عن الوجوب قال الإمام جلال الدين المحلي الشافعي في ( شرح الورقات ) عند قول الإمام الجويني الشافعي في الورقات : ( والإجماع يصح بقولهم وبفعلهم ) : (( كأن يقولوا بجواز شيء أو يفعلوه فيدل فعلهم على جوازه لعصمتهم )) انظر قال ( جوازه ) وليس ( استحبابه ) أو ( وجوبه) وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح نظم الورقات : (( إذا أجمع علماء عصر على فعل من الأفعال كان هذا دليلا على جوازه )) انظر قال ( جوازه ) وليس ( استحبابه ) أو ( وجوبه) ، و فعل النبي صلى الله عليه وسلم نفسه لا يدل على الوجوب، فكيف بفعل غيره ؟ بعد أن علمنا تعريف الإجماع والإجماع العملى وأن الإجماع العملي يدل على جواز فعل الشيء ،وليس على وجوبه أو استحبابه فهيا نطبق ما تعلمناه مسألة تولية المرأة القضاء و الوزارة الإجماع العملي دل على عدم جوازها حيث لم تتول امرأة الإمامة ، ولا القضاء ، ولا الوزارة إلا في عهد الانحطاط هذا الذي نعيشه ،و حرمان المرأة حقاً من حقوقها أو عدم تمكينها من القيام بواجبها أمر باطل فلو كان للمرأة حق في تولية الولايات العامة أو هذا واجب عليها فكيف تجتمع أمة محمد r على ذلك ،وهذه الأمة لا تجتمع على باطل ؟!!! و قد قرأت مقال فيه تحريم لبس النساء النقاب و ذكر مفاسد عديدة يفعلها بعض المنتقبات وقال والشريعة أتت بأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح لذلك النقاب حرام لبسه و هذا الكاتب قد أخطأ خطاءا فاحشا فالكثير في سائر العصور قبل عصر الانحطاط الذي نعيش فيه كن منتقبات وليس كلهن ومع ذلك لم ينكر العلماء عليهن فعلهن فلو لم يكن النقاب جائزا لأنكر العلماء عليهن ذلك إذ لا تجتمع الأمة على باطل ،وقد أجمع العلماء على وجوب النقاب في حق أمهات المؤمنين فمن تفعله اقتداءا بهن فلا شك أنها تعمل بالسنة فكيف يقال بحرمة النقاب و وقلت الكثير من النساء كن يلبسن النقاب وليس كلهن لأن التاريخ وكتب الفقه دل على ذلك لأدلة مستفيضة منها سؤال وجه لابن حجر الهيثمي في الفتاوى الفقهية الكبرى أنه : (( قد كثر في هذه الأزمنة خروج النساء إلى الأسواق والمساجدلسماع الوعظ وللطواف ونحوه في مسجد مكة على هيئات غريبة تجلب إلى الافتتان بهن قطعا , وذلك أنهن يتزين في خروجهن لشيء من ذلك بأقصى ما يمكنهن من أنواع الزينة والحليوالحلل كالخلاخيل و الأسورة والذهب التي ترى في أيديهن ومزيد البخور والطيب ومع ذلكيكشفن كثيرا من بدنهن كوجوههن وأيديهن وغير ذلك )) انظروا في السؤال ( يكشفن كثيرا من بدنهن كوجوههن وأيديهن وغير ذلك ) وفي السؤال في ( كثر في هذه الأزمنة ) والسؤال بشأن مسلمات ،وليس كافرات ومعنى كثر أي أنه كان موجودا ، وقال الإمام البغوي الشافعي في ( شرح السنة ) : (( فإن كانت أجنبية حرة فجميع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شئمنها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديهاأيضاً عند خوف الفتنة )) . فهل يتحدث الإمام البغوي عن النساء الكافرات أو الفاسقات اللآتي كن أحيانا يبرزن الشعر والوجه والساق ؟ إذا قلنا هذا فقد تقولنا على العالم ما لم يقله لأنه يتحدث عن حكم عام فالقول بأنه يريد صنفا معينا من النساء يحتاج لدليل فهو تخصيص بلا مخصص ،ولو قلنا يتحدث عن النساء أثناء البيع والشراء فقد تقولنا على العالم ما لم يقله لأنه يتحدث عن حكم عام ،ولو قلنا يتحدث عن المرأة في الصلاة فهو تقييد لكلام العالم دون دليل من أقوال العالم نفسه أي نحتاج أن نثبت أن البغوي قال بأن عورة المرأة في الصلاة تخالف عورتها داخل الصلاة ، ولا يرد علينا بأن عورة الرجل في الصلاة تخالف العورة داخل الصلاة ؛لأنها مسألة خلافية والراجح أنها لا تخالف لحديث : (( لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء )) فقوله صلى الله عليه وسلم ( منه شيء ) يقع على ما يعم المنكبين،وما لا يعمهما ،وهل العورة يجوز تغطية شيئا منها فقط ؟!!!!!!!!!!! و على التسليم بأن النساء في كل العصور عدا هذا العصر كن منتقبات فهل يدل فعلهن على وجوبه ؟ وفعلهن لا يدل على وجوب أو استحباب وغاية ما فيه الجواز ففرق شاسع بين الفعل والأمر بالفعل هذا . هذا ما أريد التذكير به والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وكتب ربيع أحمد إمبابة الأحد 23/12/2007