رابعا: فضل لا إله إلا الله:- فلها فضائل عظيمة، ولها عند الله مكانة رفيعة من قالها صادقا أدخله الله الجنة، ومن قالها كاذبا حقنت دمه وأحرزت ماله في الدنيا والآخرة وحسابه على الله ــ عز وجل ــ وكان له حكم المنافقين.
وهي كلمة وجيزة اللفظ، قليلة الحروف، خفيفة على اللسان، ثقيلة في الميزان.
ولهذه الكلمة العظيمة فضائل كثيرة ذكر جملة منها الحافظ ابن رجب ــ رحمه الله ــ في رسالته المسماة: (( كلمة الإخلاص )) واستدل لكل فضيلة، ومنها:
ــ أنها ثمن الجنة، ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة، وهي نجاة من النار وهي توجب المغفرة، وهي أحسن الحسنات، وهي تمحو الذنوب، وهي تخرق الحجب التي تصل إلى الله ــ عز وجل ــ، وهي الكلمة التي يصدق الله قائلها، وهي أفضل ما قاله النبيون، وهي أفضل الذكر، وهي أفضل الأعمال، وأكثرها تضعيفاً، وتعدل عتق الرقاب، وتكون حرزا من الشيطان، وهي أمان من وحشة القبر، وهول المحشر، وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم. ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ، ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد وأن يخرجوا منها .
خامسا: أن شهادة أن محمد رسول الله تقتضي الإيمان به. وتصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عما عنه نهى وزجر، وأن يعظم أمره ونهيه، ولا يقدم عليه قول أحد كائنا من كان.
سادسا: ليعلم أن من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، والجنة حق، والنار حق، كما روى ذلك عبادة ابن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم. أدخله الله الجنة على ما كان من العمل.
وأما شروط لا إله إلا الله فهي: العلم المنافي للجهل، واليقين المنافي للشك، والإخلاص المنافي للشرك، والصدق المنافي للكذب، والمحبة المنافية للبغض، والانقياد المنافي للترك، والقَبُولُ المنافي للرد، والكفر بما يعبد من دون الله.
ذكر العلماء أن لكمة الإخلاص شروطا سبعة وبعضهم يعدها ثمانية كما فعل المؤلف حفظه الله.
الأول: العلم: فإذا علم العبد أن الله ــ عز وجل ــ هو المعبود وحده وأن عبادة غيره باطلة، وعمل بمقتضى ذلك فهو عالم بمعناها. قال تعالى: { فاعلم أنه لا إله إلا الله } ، وقال تعالى:{ إلا من شهد بالحق وهو يعلمون } ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة)) .
ا
لثاني اليقين: فيجب على من أتى بها أن يوقن بقلبه ويعتقد صحة ما يقول ممن أحقية إلهية الله ــ تعالى ــ، وبطلان إلهية من عداه، قال تعالى:{ والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون} . وكما روي عن أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( من لقيت خلف هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها من قلبه فبشره بالجنة )) .
الثالث: القَبُولُ: أي يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه، قال تعالى:{ قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} .
الرابع: الانقياد: وذلك بأن ينقاد لما دلت عليه هذه الكلمة العظيمة؛ فهو الاستسلام والإذعان، قال تعالى{ ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن..} ، وقال تعالى:{ ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى } .
الخامس: الصدق: وذلك بأن يصدق مع الله في إيمانه، صادقاً في عقيدته، صادقاً في أقواله، صادقاً في دعوته، قال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} .
السادس: الإخلاص: وذلك بأن تصدر منه جميع الأقوال والأفعال خالصة لوجه الله، وابتغاء مرضاته ليس فيها شائبة، قال تعالى:{ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} ، وكما جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
( أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه)) .
السابع: المحبة: وذلك بأن يحب هذه الكلمة وما دلت عليه واقتضته، فيحب الله ورسوله، ويقدم محبتهما على كل محبوب، قال تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنو أشد حبا لله} .
الثامن: الكفر بما يعبد من دون الله: كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله )) .
من كتاب الأحكام الملمة
على الدروس المهمة لعامة الأمة
تقديم وتعليق سماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
( رحمه الله )
إذا استفدت من محتوى الرسالة فارسلها لمن فى قائمتك البريدية لعلهم يستفيدون منها